ببليوغرافيا وصفية

أخلاقيات الحرب والسلام في إيران والإسلام الشيعي
هذا الكتاب استند إلى 200 مصدر موثوق من الروايات، والتفسير، والفقه، والأخلاق، والتاريخ، والعرفان من المذاهب الشيعية والسنية، وقام بشرح التعاليم الأخلاقية للإسلام فيما يتعلق بالحرب والسلام.

هذا الكتاب الذي بين يدينا هو بعنوان “أخلاقيات الحرب والسلام في إيران والإسلام الشيعي” (Ethics of War and Peace in Iran and Shii Islam) ، من تأليف الدكتور محمد جعفر أمير محلاتي، نُشر لأول مرة في عام 2016 من قبل مطبعة جامعة تورنتو في 351 صفحة وفق النمط الوزيري مع طباعة مزينة بالزخارف. يسعى هذا الكتاب، بشكل عام، إلى استكشاف مجموعة واسعة من المناهج النظرية والرؤى العملية فيما يتصل بمبررات الحرب وأسبابها، والسلوك أثناء الحرب، والسلوك بعد الحرب في الثقافة الإيرانية والشيعية. ومن حيث المنهجية، يتبع هذا العمل المنهج الاستقرائي، وهو مكتوب بمنهج نظري تطبيقي حديث، ويستخدم النهج المقارن في الكتاب في بعض الأحيان مفاهيم غير معيارية للأخلاق الوصفية، حيث يسلط الضوء على أنماط سلوكية معينة في الحروب. ويتناول هذا النص أيضًا الفئات التي تتوافق مع الأخلاق الغائية المعيارية؛ عندما تتم مناقشة عواقب الحرب. ومن حيث مصادر البحث فإن العمل الحالي عبارة عن مزيج من المصادر الأولية والثانوية. يستهدف هذا الكتاب: الباحثين في مجالات اللغة الفارسية، والدراسات الإيرانّية، والعلوم الإنسانية، والعلوم الاجتماعية، والدراسات الشيعية، والمفكرين والناشطين في مجال السلام وحل النزاعات الدينية.

وبشكل عام، يمكن القول إن العمل الحالي يسعى إلى تحقيق عدة أهداف: أولاً، يقدم مراجعة نقدية للمصادر الدينية والتقليدية الفارسية المهمة حول أخلاقيات الحرب والسلام. ثانياً، يروي مسار الإصلاحات في المواقف التقليدية للشيعة فيما يتعلق بالعقيدة وأخلاقيات الحرب والسلام. ثالثاً، يحاول الكتاب مساعدة القراء وصناع القرار الغربيين على فهم إيران الحديثة. وفي نهاية المطاف، يهدف هذا الكتاب إلى مساعدة الجهود الدولية والعابرة للحدود الوطنية في صنع السلام وحل النزاعات على الاستفادة من فهم أكبر للاختلافات الثقافية بما يتجاوز معايير “السلام الليبرالي”.

من الناحية الهيكلية، الكتاب موزع إلى قسمين رئيسيين، يحتويان على تسعة فصول، يتضمن الكتاب مقدمة في البداية وخاتمة في النهاية، ويتناول القسم الأول دراسة بعض المصادر المهمة وغير القانونية باللغة الفارسية التي أثرت على وجهة نظر الإيرانيين حول الحرب والسلام منذ عصور ما قبل الإسلام وحتى الآن. هذه المصادر ليست مستقلة تمامًا عن الإسلام أو التأثيرات الشيعية، لكنها مرتبطة بشدة بالثقافة الفارسية (سواءً ما قبل الإسلام أو الإسلامية)، واللغة والهوية الإيرانّية. لذلك، فإن تأثيرات هذه المصادر الهرمية تمتد إلى ما وراء حدود إيران، لتشمل جميع المجتمعات الناطقة بالفارسية مثل أفغانستان وأذربيجان وطاجيكستان ودول أخرى في آسيا الوسطى.

 

 

أما القسم الثاني فيتناول دراسة التقاليد والإصلاحات في مجال قوانين وأخلاق الحرب والسلام داخل الأوساط الحوزوية والفقهية للشيعة الاثني عشرية في إيران. كما أن تأثير هذه التقاليد يمتد أيضًا إلى ما وراء حدود إيران ويصل بوضوح إلى المجتمعات الشيعية مثل العراق وأذربيجان ولبنان. وبشكل عام، يتناول هذان القسمان المناقشات المعيارية حول الحرب والسلام والتي تعكس الجوانب العلمانية والدينية للمجتمعات الإيرانّية-الشيعية في إيران وأبعد من ايران.

أما الوصف التفصیلي لفصول الكتاب فهو كالتالي:

الفصل الأول يقدم لمحة عن أخلاق الحرب والسلام في أهم وأكثر الأعمال الأدبية الملحمية تأثيراً في المشرق الاسلامي: “شاهنامه” فردوسي (توفي عام 1020م). تعتبر “شاهنامه” (ملك الكتب) واحدة من أعظم مصادر الهوية الثقافية الإيرانّية على مدى أكثر من ألف عام، حيث تعرّف القيم المعيارية في أخلاق الحرب والسلام من خلال الروايات التي تربط تاريخ إيران القديمة بالعصور الأسطورية. ما يجعل دراسة أخلاق الحرب والسلام في “شاهنامه” أكثر ارتباطًا بموضوع هذا الكتاب هو نفي أصالة أخلاقيات التشدد الديني. لقد كانت “شاهنامه” تُقرأ بشكل جيد في الماضي وكانت معياراً مُعَيِّنا للملوك العادلين في بلاطات ثلاث إمبراطوريات مسلمة خلال القرن السادس عشر، وهي العثمانيون والصفويون والمغول.

الفصل الثاني يستعرض، مع التركيز على العلاقة المتبادلة بين الأخلاق وقوانين الحرب والسلام، آراء عدد من المفكرين الكلاسيكيين الإيرانيين، حيث كان لأعمال هؤلاء المفكرين والفلاسفة والمتصوفة والمؤرخين وعلماء الأخلاق، تأثير كبير على الفكر الفلسفي والسياسي الحديث في إيران، كما تعكس هذه الأفكار الهوية المعيارية والأخلاقية للإيرانيين، وخاصة فيما يتعلق بالصداقة والتسامح وروح الحياة المدنية.

الفصل الثالث يتناول أخلاق الحرب والسلام ضمن نظام الأخلاق المعروف بالفتوة (الشجاعة والشهامة) لدى الايرانيين. يؤثر هذا النظام بشدة على الثقافة الإيرانية وقد وضع قواعد سلوكية للطبقات التقليدية والجمعيات المهنية والرياضة، وخاصة الأندية الرياضية الإيرانية المعروفة بـ”الزورخانه”. تعتبر معايير الشجاعة أو (الفتوة)، والتي هي عبارة عن مزيج بين أخلاق الإسلام وأخلاق ما قبل الإسلام، بمثابة توازن أخلاقي ضد القوانين الصارمة الدينية. يقدم هذا الفصل نظرة قصيرة عن عدة نماذج حقيقية وأسطورية للشجاعة الإيرانية التي لا يزال إرثها يؤثر على أخلاق الحرب والسلام لدى الإيرانيين. ويبرهن هذا الفصل ان المؤسسات الإسلامية-الفارسية القائمة على أخلاق الشجاعة والفتوة قد قدمت حلولاً أخلاقية ومنعت النزاعات وإراقة الدماء المفرطة في بعض اللحظات الحساسة من التاريخ السياسي والفكري.

الفصل الرابع (الذي يُعتبر الفصل الأخير في القسم الأول) يتناول آراء عدد من المثقفين المؤثرين والمعاصرين في إيران حول أخلاق العداء، والسلام، ورفض العنف. تجمع وجهات نظر هؤلاء المثقفين على تقديم تأمل غير فقهي حول قضايا الحرب والسلام وجوانبها الفلسفية، والكلامية، والأدبية، والفنية، والأخلاقية. هؤلاء المثقفون، الذين يمثلهم العلماء والناشطون السياسيون والشعراء والموسيقيون ومخرجو السينما، قد أنتجوا خطابات وأدبيات جديدة في الفلسفة السياسية والأخلاقية تتحدى الاحتكار التقليدي للفقه في اتخاذ القرارات بشأن نوع و شروط وشرعية الحرب والسلام. يذكر هؤلاء المثقفون الفقهاء بحجج شتى بأن الفقه المعتمد يجب أن يستند إلى أسس أخلاقية حساسة وقوية مبنية على الزمن، هذه الآراء تحمل رسائل جدية حول الحرب والسلام من حيث النظرية والممارسة.

الفصل الخامس يتناول بعض أهم المصادر الأولية والروايات التاريخية التي تلعب دوراً محورياً في تشكيل وجهات نظر وفقه الشيعة الاثني عشرية حول الحرب والسلام. يستعرض هذا الفصل تفاصيل الحروب الداخلية الأولى للمسلمين وأخلاقياتها، مع الأدبيات الحديثيّة الشيعية المبكرة المتعلقة بالحرب والسلام، ويبحث عن أسباب السلم السياسي لدى الشيعة الذي كان شائعاً ضمن نطاق أوسع من تاريخهم.

الفصل السادس يتناول الفقه التقليدي الشيعي حول الحرب والسلام من منظور نقدي. يطرح هذا الفصل نقاشًا حول كيف أن عقودًا من الصمت السياسي الشيعي قد جعلت وجهات النظر الفقهية الشيعية حول الحرب والسلام قديمة، وبطريقة ما غير ذات صلة بكل من العلاقات الدولية الحديثة ومفهوم العدالة العابرة للأديان السائد في عقائد الشيعة الأولية. انتصار الثورة الإيرانية غير المتوقع عام 1979، وما تلاه مباشرة من بدء الحرب الايرانية العراقية، وضع العديد من الاصلاحات المفهومية التي طالت العديد من وجهات النظر والنظريات الشيعية حول الجهاد أمام اختبار مهم. يركز هذا الفصل بشكل خاص على أعمال عالمين مؤثرين اثنين شيعيين اثني عشريين حول الحرب والسلام، وهما العلامة السيد حسين طباطبایي وتلميذه مرتضى مطهري، كما يظهر كيف أن وجهات النظر شبه الدفاعية لهذين الباحثين حول الحرب والسلام الناتجة عن وجهات نظر منتصف القرن العشرين، شكلت مصفوفة أخلاقية جدلية متكونة من روايات تاريخية شيعية، وفقه كلاسيكي غير مختبر ومع ذلك مقبول، وإيديولوجيات يسارية، وثورة داخلية وقوى. ومع ذلك، فإن أعمال طباطبائي ومطهري قد وفرت أرضية وسياقًا فكريًا مناسبًا للجيل التالي من العلماء الشيعة الذين بدأوا فترة مؤثرة من الفقه النقدي حول الحرب والسلام.

 

وأما الفصل السابع فيسلط الضوء على آخر الأبحاث النقدية للشيعة حول الحرب وإيران، ويظهر كيف أن المناهج الجديدة في هذه المجالات قد حولت الفقه الشيعي الحديث في مجالات العدالة في الحرب، والعدالة أثناء الحرب، والعدالة بعد الحرب. ربما يكون أهم جانب من هذا الفقه الحديث هو توافقه مع التعددية الدولية والدينية وحقوق الإنسان، أو باختصار، مع متطلبات الحداثة. يوضح هذا الفصل كيف أن ممارسة الاجتهاد الأصيل (الاستدلال القانوني المستقل) بهدف تحويل القوانين التقليدية للحرب إلى نظام أخلاقي أكثر قابلية للتبرير ومبني على الموضوعية العالمية، قد أحدثت فجوة تاريخية بين الفقه التقليدي والفلسفة السياسية.

الفصل الثامن، يتناول فقه الشيعة الحديث وفلسفة السياسة المتعلقة بالشهادة، الإرهاب، تجنب العنف، والمغفرة في السياسة. من خلال مقارنة هذه الرؤى الشيعية مع أمثلة من العقيدة الجهادية-السلفية الحديثة، مثل داعش، طالبان، وبوكو حرام، التي لها سوابق تاريخية في جرائم الحرب، يظهر هذا الفصل كيف أن الفقهاء الشيعة الإيرانيين يقومون بتطوير نظرية فقهية تقدمية، في مواجهة الاستغلال السياسي للاجتهاد الشيعي. يبدو أن العلماء الإيرانيين بعد الثورة يسعون من خلال تطوير وتعزيز عقيدة الشهادة، كحل أخير مشرف وليس كحل أول للمغفرة وتجنب العنف، إلى لعب دور عالمي، إن لم نقل قيادي، في نزع الشرعية عن العمليات الانتحارية وأنواع أخرى من العنف.

الفصل التاسع يتناول كيف أن طول فترة الحرب الإيرانية العراقية وتدخل الفقهاء الشيعة المباشر في سياسة الحرب، دفع المراجع الدينية الحديثة في إيران إلى فهم تعقيدات الحرب الحديثة، وبالتالي، قاموا بتعديل مقارباتهم التقليدية تجاه الجهاد. في هذا الفصل، يتم توضيح كيف أن البرنامج النووي الإيراني، الذي أدى إلى مشاكل سياسية في علاقات إيران مع الدول الغربية، دفع فقهاء الشيعة الاثني عشرية إلى اتخاذ مواقف فقهية واضحة وإصدار أحكام (فتاوى) ضد إنتاج واستخدام أسلحة الدمار الشامل. يبدو أن اتخاذ مثل هذه المواقف العامة من قبل المراجع الشيعية المعاصرة، يدخل الأخلاق وفقه الحرب والسلام في الشيعة الاثني عشرية في صميم الحياة السياسية الحديثة ومكانة إيران الحضارية الجديدة.

تتناول خاتمة هذا المجلد بعض النتائج المهمة لمدرستين خاصتين في النقاشات النقدية وإعادة بناء أخلاق الحرب والسلام في إيران.

ينتهي هذا المجلد بأربعة ملحقات تحتوي على ترجمات ملخصة لأحدث المقالات الموسوعية حول الحرب والسلام التي نُشرت في إيران. تم نشر هذه المقالات من قبل دائرة المعارف الإسلامیة الکبری التي تُعتبر الموسوعة الأكثر موثوقية في اللغة الفارسية. يستعرض المقال الأول تحت عنوان “الجهاد” نظرة شاملة للمذهب الشيعي حول مفهوم الجهاد، وتطوراته المعرفية، واستخدامه وإساءة استخدامه في تاريخ المسلمين. يتناول المقال الثاني تحت عنوان “الحرب” تفاصيل القوانين والأخلاق في الحرب بناءً على وجهة النظر الشيعية الإيرانية. يعكس الملحق الثالث الإدانة الإيرانية الرسمية لجرائم الحرب التي ارتكبتها داعش؛ ويقدم ميثاقًا يمكن من خلاله مقارنة المواقف العلمية والرسمية للشيعة حول الانتهاكات الأخلاقية في الحرب. وأخيرا يقدم الملحق الرابع نص آخر كتيب رسمي وموثوق صادر عن آية الله العظمى السيد علي السيستاني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *